للنوم قيمة هامة بالنسبة للطفل ، ليس فقط من أجل قيام أجهزة الجسم المختلفة بعملها بشكل صحيح ، ولكن من أجل صحته النفسية .
والنوم بالتعريف هو : وظيفة حيوية يقوم بها الكائن الحي ليقي نفسه من حلول التعب ، فالنوم هو صمام الأمان .
إن اضطرابات النوم البسيطة تعتبر شائعة جدا في الأعمار من 2حتى 5 سنوات 0 وهي ردود فعل طبيعية ، وتعبير عن عدم الشعور بالأمن خلال عملية النوم ، وأكثرها شيوعا الأحلام المزعجة والنوم القلق . وتظهر الأحلام المزعجة عند ثلث الأطفال ما بين 3ـــ10 سنوات ، وتبلغ ذروتها في سن عشر سنوات.
وتتظاهر اضطرابات النوم من الناحية السريرية في الأعراض التالية :ـ
1ـ الإنقباض ونوبات الغضب والكسل .
2ـ ضعف القدرة على التركيز .
3ـ عدم الإستقرار وكثرة الوقوع بالخطأ.
4ـ فقدان الإتزان الحركي .
5ـ إزدياد الاضطرابات السلوكية مثل : مص الأصابع وقضم الأظافر .
وقبل أن أبدأ في بحث أشكال اضطرابات النوم عند الأطفال ، يجب أن أذكر مدى حاجة الطفل للنوم .
ففي الأسابيع والأشهر الأولى من عمر الطفل يتطلب نموه السريع حاجة متزايدة للنوم ، تقل تدريجيا مع تقدمه بالسن ، ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبا ، ثم ينخفض حتى يصل إلى 12 ساعة في سن الرابعة ، وإلى 9 ساعات في المراهقة ، و8 ساعات عند اكتمال النمو في سن الرشد . ويتوقف عدد ساعات النوم عند الفرد على عوامل عدة منها :ـ
حالة الفرد الجسمية ، وصحته العامة ، والتغذية ، وحالته النفسية من هدوء أو اضطراب ، والظروف التي ينام فيها من تهوية ورطوبة وحرارة .
أشكال اضطرابات النوم :
تأخذ اضطرابات النوم أشكالا عديدة تتعلق بمواعيده وأمكنته وحالة الشخص الجسمية والنفسية 0 ومن أهم هذه الأشكال ما يلي :ـ
1ـ مقاومة الذهاب إلى النوم : Resistance to going to Sleep
يمر جميع الأطفال تقريبا بفترة يقاومون فيها الذهاب إلى النوم . فإذا أظهر الوالدون اهتماما متزايدا وقلقا أو عدم قدرة على مواصلة السيطرة على المواقف ، فإن مقاومة الطفل تزداد سوءا . وقد يقاوم بعض الأطفال الذهاب للنوم بسبب القلق والإثارة . ويظهر هذا السلوك بشكل خاص عند الأطفال دون سن الثالثة . وتبلغ ذروة حدوث مقاومة الطفل للنوم بين العمرين من 4 ــ 6 سنوات ، حيث يرفض الطفل فيها الابتعاد عن والديه والبقاء لوحده ، أو قد يكون بسبب الشعور بالتعب والأصوات والقلق والألآم .
2ـ النوم القلق Restlessness :
وهو عدم الارتياح الجسدي والعقلي أثناء النوم ، ويكثر حدوثه عند الأطفال ، ويأخذ مظاهر مثل الحركة والتقلب وقذف الأرجل وركل الغطاء ، وصرير الأسنان ، وضرب الرأس ، والاستيقاظ نتيجة سماع الأصوات .
إن النوم القلق لفترة قصيرة يظهر بين الحين والآخر عند جميع الأطفال ، ولكنه قد يكون مستمرا ومتكررا بحيث يصبح مشكلة . وقد تبين لبعض العلماء أن النوم القلق أثناء الليل في عمر 21 شهرا يعتبر مشكلة لحوالي 38% من الذكور ولـ 27% من الإناث ، كما أن التكرارات المناظرة لها عمر 11سنة تتناقض إلى 32 % و16% ، وفي عمر 14 سنة فإن 11% من الذكور يظهرون نوما قلقا أثناء الليل في حين يختفي بشكل فعلي لدى الإناث . ومعظم الأطفال يظهرون النوم القلق في الليل ، متميزون بعدم الارتياح أثناء النهار ، والنشاط الزائد ، وبالاستثارة المفرطة ، فهو امتداد للميول النهارية . كما أن صرير الأسنان يحدث عند 14% من الأطفال العاديين ، وهو قد يحدث بشكل مفرط وقوي يسمعونه من في الغرف الأخرى ويؤدي إلى تأكل الأسنان ويشعر الطفل في فكيه عند إستيقاظه صباحا . ويجب تعليم الطفل الإسترخاء والراحة ليتخلص من توتر النهار قبل موعد النوم مباشرة .
3ـ الكوابيس Nightmares
والكابوس استجابة خوف أو رعب ليلي تحدث أثناء النوم وهي نتيجة حلم مخيف . إن الأحلام المزعجة بدرجة بسيطة يبدأ الأطفال بتذكرها عادة في سن الثالثة ، ولكنها لا تكون مزعجة لهم حيث يصرخ الطفل ثم يهدأ بسهولة . وفي عمر أربع سنوات وحتى الخمس تزداد الأحلام المزعجة في تكرارها وغالبا ما تصحبها أعراض قلق حاد ( تعرق ، إتساع البؤبؤ ، صعوبة التنفس ) ويشعر وكأنه يختنق أو وزنا ثقيلا فوق صدره . ويمكن للطفل في هذه السن وصف محتوى الحلم المخيف بتفصيل ، وقد يخاف من التحدث عنها بسبب خشيته من أن تصبح واقعية . وتتنوع أسباب الكوابيس متضمنة القلق العابر أو الطويل الأمد أو الخوف من العقاب العائد إلى مشاعر الغضب الموجه نحو الأبوين ، والصراعات . وهذه المشاعر قد يتم كبتها خلال النهار ، إلا أنها تظهر عندما تقل مقاومة الطفل أثناء النوم . ويزداد قلق الطفل سوءا إذا لم يتوفر له الحب والأمان ، أو إذا كان يعاني من أمراض هضمية . إن قمة حدوث الكوابيس بين 4ــ 6 سنوات وتستمر لدى حوالي 28% من الأطفال بين السادسة والثانية عشرة . وتحدث الكوابيس في هذه الأعمار حيث تحدث أحلام مزعجة مرتبطة بصعوبات شخصية أو التهديد من قبل الآخرين الذي يتعرض له الطفل .
4ـ اضطرابات الإستيقاظ Arousal Disorders
وتظهر في أوقات مختلفة وغالبا ما يكون لها تاريخ عائلي وتكون مرتبطة بالأحلام المزعجة وعدم الراحة . ويحدث بشكل مفاجيء ويكون غير مستجيب للمحيط ولا يتذكر الطفل أي شيء من هذه الاضطرابات في صباح اليوم التالي . ولاضطرابات الإستيقاظ علاقة بميل الطفل للتخيل ، فقد وجد أن الذين يمشون أثناء النوم ميالون للنشاطات الحركية والألعاب الرياضية في حين الذين لديهم حالات رعب ليلي ميالون للتخيلات البصرية .
5ـ المشي أثناء النوم Sleep Walking
ويحدث عادة بعد ساعتين أو ثلاث من استغراق الطفل بالنوم . ويكون فيه ضعف وانخفاض في مستوى الوعي والاستجابة للمحيط ، وتكون مشية الطفل غير ثابتة ومتعثرة ، ولكنه قادر على تجنب الأشياء بحيث لا يؤذي نفسه . وتكون عيونه جامدة كالزجاج إلا أنها مفتوحة وقد يتجول الطفل في غرفة أو خارج المنزل . وفي الصباح التالي لا يتذكر إلا القليل أو لا يتذكر إطلاقا مما فعله . ويستمر المشي أثناء النوم بين بضع دقائق ونصف ساعة . وهناك أدلة متزايدة على أن المشي أثناء النوم يرافقه تأخر في نضج الجهاز العصبي المركزي . ويمكن للمرء أن يحدث المشي أثناء النوم عند طفل بإيقافه على قدميه وهو في مرحلة النوم العميق ( بعد ساعتين تقريبا من الاستغراق في النوم ) إن حوالي 15% من الناس يظهرون هذه المشكلة النفسية وخاصة فس مستهل المراهقة .
6ـ الحديث أثناء النوم Sleep Talking
يعيش معظم الأطفال خبرة التكلم أثناء النوم من وقت لآخر ، وقد يقتصر ذلك على التمتمة ببضع كلمات أو يتضمن مقاطع واضحة يمكن تمييزها ، تعكس أفكار ونشاطات اليوم السابق . وقد تدل على الانشغال التام بموقف يثير القلق مثل الرسوب بالامتحان ولتجاوز هذه الحالة يجب جعل الفترة السابقة للنوم مباشرة هادئة للتقليل من آثار الصراخ والتكلم في الليل .
( خبرة حقيقية )
معي خال وهو كبير في السن ( 40ـ50 )إذا نام وبعد فترة يبدأ يتكلم وهذه العادة أو السلوك من صغره ، حتى أنه يتكلم بكل شيء وقع له في النهار ويصاحب الكلام ضحك وصفق باليد وتصفير بالفم وكل ما يعمله وهو مستيقظ خالي يعزف على العود ويغني ، قال له مجموعة من أصدقائه نريد أن نسهر الليلة ـ ماضية ـ ونغني ، رفض طلبهم بحجة عنده شغل في الصباح ولا يريد أن يسهر ، طلبوا منه العود يعطيهم ، رفض ، قالوا له والله لنأتي وأنت نائم ونأخذ العود ، ولأنهم أصدقاء فالبساط أحمدي بينهم ، جاء أصدقاءه في الليل وهو نائم وعندما اقتربوا من باب غرفته سمعوه يتكلم ، فلم يدخلوا وقالوا صاحي وأكيد يكلم شخصا في التلفون ، وبقوا منتظرين وهو يتكلم ويضحك وينكت وهكذا حوالي ساعتين ولما يئسوا من أن ينام والوقت تعدى منتصف الليل رجعوا وكان هو نائم فعلا ، لكنه يتكلم وهو نائم ، أصدقاؤه في اليوم التالي قالوا له : جئنا لنأخذ العود وسمعناك وأنت تتكلم وتضحك ، وأنت قلت لنا : عندك شغل وأنت كنت ساهر تتكلم في التلفون ضحك وقال : واحد صديق اتصل بي وأسهرني معه ، لم يخبرهم أنه كان نائم ، ويتحث أثناء النوم .
ومعي أخ أصغر مني وهو يعمل ممرض في مستشفى في جدة إذا نام يبدأ يتكلم وكل ماصار له في اليوم يخبر به وأذكر أن أمي رحمها الله تعالى ، كانت إذا أرادت أن تعرف ما عمل في يومه ترقبه حتى ينام وإذا بدأ يتكلم وهو نائم قامت إليه وجلست تسأله وهو يجيب على كل سؤال تود معرفته ، ومرة كانت في زيارة له في جدة وكان قد تزوج حديثا وقالت زوجته للوالدة أن ابنها يتكلم وهو نائم ، فقامت الوالدة إليه وبدأت تسأله وهو يجيب وزوجته مستغربة ، حتى أنه جاء بأسماء الممرضات والأطباء وغيرهم ، وفي الصباح كانت زوجته والوالدة تسألانه عن أسماء أطباء وممرضين وممرضات في المستشفى الذي يعمل فيه ، وهو مستغرب ويسأل من أخبركما بأسماء هؤلاء وهما تضحكان .
7ـ وهناك اضطرابات أخرى في النوم : وهو النوم الزائد : Increased Sleep
الناتج عن أسباب نفسية كالهروب من توتراتوضغوط يومية أو مشكلات كامنة ، أو عن أسباب عضوية كالإرهاق الجسدي أو قلة الفيتامينات أو المنبهات التي قد تناولها الفرد لفترة طويلة وخاصة أثناء الاختبار والدراسة ) .
الأرق Insomnia وهو عدم الحصول على القسط الكافي من النوم ، وقد يكون صعوبة البدء في النوم ، أو صعوبة الاستمرارية أو الإستيقاظ المبكر جدا .
الإرشادات العلاجية الضرورية لحالات إضطرابات النوم :
1ـ لا تدع الطفل يطور عادة القدوم إلى سرير الأبوين ليلا ، ويجب تعليمه الإستقلالية . والبدء بصرامة في هذا الأمر منذ البداية ورافق الطفل إلى غرفته واعمل على راحته .
2ـ كافيء تناقص مقاومة الذهاب للنوم : يمكننا وضع نجوم ومكافأة للطفل عند كل ليلة يذهب فيها للنوم بسهولة .
3ـ يجب أن تكون الفترة السابقة لدخول الطفل إلى السرير هادئة وخالية من الإثارة والنشاط الجسدي .
4ـ يجب أن يترك ضوءا خفيفا في الغرفة أو الردهة ، وأن يترك باب غرفة الطفل مفتوحا وطمئن الطفل بأنك قريب منه .
5ـ لا تتحدث للطفل بقصص وأحاديث مخيفة ومزعجة خلال اليوم وقبل نومه ( وإذا استيقظ الطفل في الليل بسبب حلم مزعج وكوابيس قل له : لا بأس يا حبيبي ، ماما هنا ، لقد خفت أثناء نومك ، ولكنك آمن في سريرك ، وكل شيء على ما يرام ، ولن نسمح بأي مكروه يمسك )
6ـ التنفيس عن مكبوتات الطفل من خلال اللعب والرياضة والهوايات ، وأن يكون أكله باعتدال ، وليس فيه وجبات ثقيلة ، وأن تكون بيئة النوم جيدة ومريحة [img]
[/img]